الخُرافات

في البداية دعني أعرّف بماذا أقصد بكلمة الخُرافة، الخُرافة هي الإيمان بأن حدوث حدث ما يسبب حدوث حدث آخر بدون أي مسببات مادية تربطهما. حسناً، لنتحدث عن الحمام. في عام ١٩٤٨ قام عالم النفس سكينر بعمل تجربة مشهورة على الحمام، فقام بتجويع الحمام ثم وضعهن في قفص مخصص للاختبار كل يوم لعدة دقائق، في أحد أطراف القفص توجد نافدة تنفتح تلقائيا بعد فترة زمينة معينة لتأكل الحمام من خلالها لمدة خمس ثوان.

عند ملاحظة الحمام، وجد أن ثمانية من العشر حمامات تتصرف تصرفات غريبة، فحمامة من الحمامات تدور على نفسها حتى تنفتح النافذة لتأكل، ثم بعد إغلاق النافذة تكمل دورانها، وحمامة أخرى تحرك رأسها للأعلى والأسفل بشكل متكرر، وأخرى بدأت بتحريك رأسها بشكل دائري بحيث تمد رأسها إلى الأمام ومن ثم تحركه من اليمين إلى اليسار بسرعة ومن ثم ببطء في رجوع الرأس إلى الأمام. ولاحظ أيضاً أن هذه التصرفات لا تحدث عند فتح نافذة الطعام أو عندما تُنقل الحمامة إلى قفصها العادي.

فعلل بأن هذه التصرفات مرتبطة بانفتاح نافذة الطعام، فالحمامة تكرر ماكانت تفعله عند انفتاح النافذ للمرة الأولى، وعند تقليل الفترة الزمنية لفتح النافذة تزداد هذه التصرفات وعند زيادة هذه الفترة تقل التصرفات.

فسّر العالم أن هذه التصرفات هي محاولة من الحمام للتأثير على عملية الفتح والإغلاق، أو بمعنى آخر، أن الحمام ربط فتح نافذة الطعام بما كانت تفعله في ذلك الوقت بدون أي مسببات مادية تربط هذه العلاقة، وهذا هو تعريف الخُرافة.

لربما تتساءل الآن ما علاقة كل هذا بالبشر أو المنطق؟ وهذا سؤال جيد، تبدأ الخُرافة لدى الفرد عند محاولته تفسير ظواهر غريبة عليه مع عدم استطاعته إيجاد تفسيرات علمية ومنطقية لتلك الظواهر. أدعوك عزيزي القارئ إلى التفكير بهذه الأمور:

  • التبرك بأشياء معينة لـ”جلب” الحظ، والاعتقاد بأن شخص ما محظوظ أو غير محظوظ.
  • الاعتقاد بأن أفكار الشخص تؤثر على بيئته المحيطة، والاعتقاد بأن الشخص الإيجابي تحدث له أشياء إيجابية وأن الشخص السلبي تحدث له أشياء سلبية (كتاب السر).
  • الاعتقاد بأن موقع الكواكب عند ولادة الإنسان تؤثر على شخصيته ومستقبله (التنجيم والأبراج).
  • الاعتقاد بأن هناك أرقام مشؤومة (الرقم ١٣ عند الغرب).
  • إلصاق العروسة قطعة من الطين على بيتها الجديد، فإذا التصقت كان فألاً حسنا (في الشام).
  • الاعتقاد بأن الخرزة الزرقاء تبعد الحسد.

ولكيفية ارتباط هذا الموضوع بالمنطق، كل هذه الخُرافات تشترك في مغالطة حدث بعده، إذاً هو سببه.

عندما تكتشف رابط بين حدثين أرجو أن تتوقف وتفكر قليلاً سائلاً نفسك: هل أنا أرتكب مغالطة منطقية؟

كُتب في 16/12/2012